سورة الإسراء - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)}
من كانت العاجلة همه ولم يرد غيرها كالكفرة وأكثر الفسقة، تفضلنا عليه من منافعها بما نشاء لمن نريد، فقيد الأمر تقييدين، أحدهما: تقييد المعجل بمشيئته.
والثاني: تقييد المعجل له بإرادته، وهكذا الحال: ترى كثيراً من هؤلاء يتمنون ما يتمنون ولا يعطون إلا بعضاً منه وكثيراً منهم يتمنون ذلك البعض وقد حرموه، فاجتمع عليهم فقر الدنيا وفقر الآخرة، وأمّا المؤمن التقي فقد اختار مراده وهو غنى الآخرة، فما يبالي: أوتي حظاً من الدنيا أو لم يؤت فإن أوتي فبها وإلا فربما كان الفقر خيراً له وأعون على مراده. وقوله {لِمَن نُّرِيدُ} بدل من له، وهو بدل البعض من الكل: لأن الضمير يرجع إلى (من) وهو في معنى الكثرة. وقرئ: {يشاء} وقيل: الضمير لله تعالى، فلا فرق إذاً بين القراءتين في المعنى ويجوز أن يكون للعبد، على أنّ للعبد ما يشاء من الدنيا. وأن ذلك لواحد من الدهماء يريد به الله ذلك. وقيل: هو من يريد الدنيا بعمل الآخرة، كالمنافق، والمرائي، والمهاجر للدنيا، والمجاهد للغنيمة والذكر، كما قال صلى الله عليه وسلم: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه» {مَّدْحُورًا} مطروداً من رحمة الله {سَعْيَهَا} حقها من السعي وكفاءها من الأعمال الصالحة. اشترط ثلاث شرائط في كون السعي مشكوراً: إرادة الآخرة بأن يعقد بها همه ويتجافى عن دار الغرور، والسعي فيما كلف من الفعل والترك. والإيمان الصحيح الثابت.
وعن بعض المتقدّمين: من لم يكن معه ثلاث لم ينفعه عمله: إيمان ثابت، ونية صادقة، وعمل مصيب. وتلا هذه الآية. وشكر الله: الثواب على الطاعة.


{كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)}
{كُلاًّ} كل واحد من الفريقين، والتنوين عوض من المضاف إليه {نُّمِدُّ} هم: نزيدهم من عطائنا، ونجعل الآنف منه مدداً للسالف لا نقطعه. فنرزق المطيع والعاصي جميعاً على وجه التفضل {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبّكَ} وفضله {مَحْظُورًا} أي ممنوعاً، لا يمنعه من عاص لعصيانه.


{انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)}
{انظر} بعين الاعتبار {كَيْفَ} جعلناهم متفاوتين في التفضل. وفي الآخرة التفاوت أكبر، لأنها ثواب وأعواض وتفضل، وكلها متفاوتة.
وروي أن قوماً من الأشراف فمن دونهم اجتمعوا بباب عمر رضي الله عنه، فخرج الإذن لبلال وصهيب، فشق على أبي سفيان، فقال سهيل بن عمرو: إنما أتينا من قبلنا أنهم دعوا ودعينا يعني إلى الإسلام فأسرعوا وأبطأنا وهذا باب عمر فكيف التفاوت في الآخرة. ولئن حسدتموهم على باب عمر لما أعدّ الله لهم في الجنة أكثر. وقرئ: {وأكثر تفضيلاً}، وعن بعضهم: (أيها المباهي) بالرفع منك في مجالس الدنيا (أما ترغب في المباهاة) بالرفع في مجالس الآخرة وهي أكبر وأفضل؟

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8